طباعة
المجموعة: الكاتب بشار حنا
الزيارات: 1273

في كل سنة كنتُ أثابرُ على الحديث عن موضوعٍ مفرحٍ في عدد الجريدة السنوي الممتاز، تفاؤلاً وتمهيداً لسنة جديدة ملؤها الأمل بغدٍ أفضل...

ولكن ما نراه يوماً بعد يوم هو تزايد في المآسي وتصعيد في التوترات وغيرها من أخبارٍ محزنة.. لذلك اصبح من الصعب غض النظر عن المعاناة الإنسانية التي دخلت في مرحلة صعبة وخطيرة.. بسبب سرطان العصر الذي يسمى بالإرهاب!!!..

وفي أحيانٍ كثيرة يتوجب على الكاتب أو الأعلامي أن يتحمل مسؤولية طرح مواضيع تمس الحياة الواقعية للمجتمع، حتى وإن كان لا يستهويه الحديث عن هذه المسائل، لذلك ونحن نودع سنة 2015 والتي نالت نصيباُ وافراً من حوادث الإرهاب التي طالت حياة الكثير من الأبرياء في مختلف أرجاء العالم إرتايتُ أن أتحدث عن علاقة الإرهاب بالدين.. وأنا ساتحدث بموضوعية وحيادية مطلقة بعيداً عن قناعاتي الشخصية بهذا الخصوص...

في بداية دراستي الجامعية في استراليا سنة 2006 فوجئتُ بحالة كانت تعتبر غريبة بالنسبة لي في حينها، وهي ان معظم الاساتذة والعاملين في حقل البحوث والتعليم العالي كانوا "لا أدريين" او غير مؤمنين بالغيبيات، وربما غير واثقين من وجود إله... ولكن أغلبهم يؤمنون بالأخلاق الحميدة والمعاملة الحسنة للآخرين. فأثار هذا الموضوع جدلاً جدياً في رأسي.

أيهما أفضل: شخص مؤمن بوجود إله ويسمح لنفسه بقتل الأبرياء بأسم الدين، أم شخص لا يرغب بالتطرق والولوج في موضوع الإله ولكنه لا يؤذي حشرة؟ أيهما أفضل: شخصٌ متدين يكثر الإدعاء بحب الإله ويتمسك بشعائر الدين ولكنه مرائي ومادي ولا يمتلك أي رحمة في قلبه، أم شخص غير ديني ولكنه عادل وغير منافق؟ وغيرها من المقارنات التي أرهقتني في حينها كثيراً.. ووصلتُ الى نتيجة تنص على ان لو كان هناك إيمان بمقدار ذرة لدى أي شخص يدّعي الإيمان بوجود إله لأظهر أحتراماً لما صنعته يدا هذا الإله العظيم... ما هو معنى كلمة الله؟

ومن هو الإله؟

مع نظرة عميقة للتاريخ والمعتقدات وجدتُ تفسيرات مختلفة لطبيعة أو هيئة الإله.!

وهذا ما زاد من حيرتي أكثر فأكثر...

لقد تحدث عنه الكثيرون، ونادى بأسمه الكثيرون، وقُتل بأسمه الكثيرين.. فأصبح مصدراً للرعب.. لذلك يتهرب الكثير من العقلانيين من الحديث عنه.

أما المتطرفون، فقد تولوا شأن الإله ونصبّوا أنفسهم وكلاءٌ عنه في تنفيذ أحكام على غيرهم من البشر.. وكإن الخالق العظيم الذي تسبب بالوجود لا يستطيع أخذ حقه بيدهه..!

أحقادٌ دفينة.. وإلغاء للآخر بشكل غريب.. تظهر بين الحين والآخر بصيغة الإرهاب.

يا ترى ماهو السبب؟؟ وكيف تولدت مثل هذه المعتقدات وأستمرت عبر العصور ولم تنتابها أية تغييرات إيجابية..؟؟

كل شئ في الحياة تغير، إلا الإرهاب...

فهو لازال شرساً طاحناً غير قابل للتغيير ولا التبديل...

اليكم بعض الأحصائيات المنقولة من مصادر إعلامية معروفة:

وغيرها في أرجاء مختلفة من العالم... ولا نعلم الى أين المصير... إرهاب يستهدف الابرياء ومنافع الحياة المدنية.. لا يكترث بالطفولة ولا بالشيخوخة ولا بالحرمات.. كل شئ مباح باسم الدين..!

هل هذه هي الحياة التي من المفترض أن نحاياها..؟ هل يوجد حياة بغير سلام..؟

مستحيل... فالسلام هو اساس الحياة الرغيدة... وإذا لم يشعر البشر بالامان فعبثاً كل ملذات الحياة ومباهجها...

ولكن كيف ستتغير الإيديولوجيات الإرهابية؟؟

وكيف سيكتشف المتورطون بمثل هذه الأيديولوجيات بأن الحياة أثمن وأقدس مما يتصورون؟؟

العالم بحاجة الى صحوة.. الى نهضة ثقافية قانونية عادلة.. على البشر التمييز بين التعاليم الخاطئة والمواقف الإنسانية السلمية... وعليهم أن يروجوا للعدالة والصدق والحب والرحمة والفضائل.. لأنها هي من ستوصلهم الى الإله الذي يسعون إليه.

مع تمنياتي بتغيير فعلي نحو التصدي للإرهاب في مختلف أرجاء العالم خلال سنة 2016.