للموضوع صلة كانت آخر الكلمات التي ذيلتُ فيها مقالي في العدد السابق، ولا أعرف وأنا أناقش يومياً التغير الصارم في عالمنا، وكالعادة أتخذ موقفاً لا يبعدني عن اليسار محلياً وأممياً، وأقصد بالمحلية الواقعية العراقية حيث ولدت في عائلة يسارية بامتياز وواقعية أسترالية حيث أتنفس الانتماء الوطني الجديد.
لا أعرف كيف قفز إلى ذهني ذلك الشاعر الفرنسي الفذ في سلوكه وأعني "جاك فاشيه" قفز وأنا أفكر بموقع اليسار في خارطة التغير الصارم، جاك فاشيه ذلك الشاعر الذي وصفه سارتر بأجمل الشعراء حساً بالحرية، وسبق لي أن وصفته بالتطبيق الحيوي لتعريف الفوضوي باكونين للحرية حيث قال (الحرية لا تفسر إلا بالحرية) لقد كان جاك فاشيه يرتدي بدلة الطبيب البيضاء وتتدلى على صدره سماعة الفحص، حين يمر في مركز المدينة يسأله الناس، جاك لماذا ترتدي بدلة الطبيب، فيأتي جوابه صادماً بقوة الوضوح (فرنسا مريضة).
لهذا السبب قفز إلى ذهني جاك فاشيه وأنا أهم بوصف اليسار العراقي الحقيقي، والحقيقي هنا مصدرها أن اليسار الذي أقصده هو المعرفة العلمية للذي يجري في العراق والموقف اليساري منه، وفي هذا الوصف يتحرر اليسار من الكم الحزبي ليدخل إلى حقل المعرفة النوعي، بتحرره من الكم الحزبي يستطيع وهو الجدير بذلك معاينة العراق المريض ومن غير أبواب مواربة يفضح سرطان الدين والمذهبية فتتحرر الثقافة اليسارية من انتهازية التحالفات، فالخطاب الديني الذي يحكم العراق إيراني البرامج وأميركي الدعم، بمعنى أن ايران لها التمدد الأفقي حيث تجيش وتغسل أدمغة العراقيين جمعياً، ولأميركا حق استثمار مركزي للثروات.
وهكذا يتوزع الخطاب الديني في العراق تحت سقفين أميركي-إيراني ولا وجود لأي صدري أو حكيمي أو دعوتي أو بدري أو الحرس الثوري الجديد خارج هذا التجاذب، المخابرات الأميركية تصلي أيضاً على الطريقة الشيعية والمخابرات الإيرانية تجاوزت البعث في تواجدها المناطقي فهي في كل شارع إن لم نقل في كل بيت، هل سيلجأ اليسار إلى فضح العملية السياسية بخطاب حضاري يقرأه العالم؟
وهل سيعترض على سلوك حجر الزاوية في كنيسة اليسار وأقصد الحزب الشيوعي وتحالفاته الغريبة؟ أم سيكتفي هذا اليسار بارتداء بدلة الطبيب فالعراق مريض ولا جديد في ذلك فكلنا يعرف ذلك؟؟!
وللموضوع تتمة