نادراً ما يمر شاب أو شابة في ساحة النصر وشوارع منطقة باب الشرقي من دون أن يتعرض الى التحرش الجنسي ويتلقى العروض من قبل بائعات الهوى ،والغريب في الأمر أنهن يتجولن ويجلسن على الأرصفة بزينة الغجر وبألفاظ خادشةٌ للحياء أمام أنظار دوريات رجال الشرطة والأمن والمرور من دون رادع صارم لحماية مجتمعنا من الرذيلة والفساد والانحطاط.
جريدة "بانوراما" سلطت الضوء حول هذه القضية في سياق التحقيق التالي.
المواطن أحمد علي يعمل كاسب قال ل"بانوراما " في الذهاب والإياب حين آتي من بيتي في باب المعظم بحكم عملي في محل للأدوات الاحتياطية في منطقة البتاوين أتعرض الى عروض لقضاء الليالي الحمراء بأسعار زهيدة "
ويضيف "لم أكن أتوقع في البداية أن أتعرض لمضايقات بائعات الهوى في الشارع وأمام مرأى من الناس"، مبيناً" الشاب الغير متسلح بالإيمان سينجرف أمام هكذا عروض"، داعياً الحكومة ووزارة الداخلية" أرجو التدخل الفوري لأنهاء هكذا ظواهر سلبية تشوّه وجه بغداد"، فيما يشير المواطن "سليمان جاسم" بالقول" صدقيني بأنهن يأتين الى أغلب المحال وليس في شوارع منطقة باب الشرقي".
ويضيف" في بادئ الأمر كنت أظن أنهن متسولات، لكنهن يجلسن على رصيف ساحة النصر وأمام سيارات رجال الشرطة ويقدمن عروض الرذيلة"، مؤكداً" السائح الذي يأتي من خارج البلد ويتعرض الى مثل هكذا مضايقات وعروض سيظن أن الشعب أغلبه فاسد، والحكومة فاسدة مادام يحدث ذلك بدون رادع من قبل الشرطة" حسب رأيه.
فيما يؤكد مصطفى كامل بالقول: "هذا الحال ليس جديداً على منطقة باب الشرقي وشارع السعدون فهي تضم أكبر عدد من محال الخمر وعلى جانبيها مناطق البتاوين الأولى والثانية والمعروفتان بوجود بيوت وشقق الدعارة فيها بل وعصابات متخصصة في هذا الموضوع من الرجال والنساء وفي وضح النهار"، ويضيف" أي امرأة تدخل منطقة البتاوين لتتسوق مثلاً والكل ينظر اليها نضرات مشبوهة ويظن أنها بنت ليل إن كانت تبدو امرأة محترمة وذو هيبة كبيرة لذلك النساء اللواتي يتجولن ويعرضنّ أنفسهنّ هن من تلك المناطق بشكل خاص وبعضهنّ يمارسن الدعارة منذ الصغر وتعتبرها حياة عادية جداً".
النساء بعد تعرضهن الى تحرش المتطفلين في الشارع بات يتعرضنّ الى مضايقات والى عروض "السحاق" من قبل بائعات الهوى في منطقة باب الشرقي وفي ساحة النصر تحديداً.
فيما أكدت سما أحمد موظفة في أحدى شركات للطيران في شارع السعدون": قبل أيام قليلة ظهراً بعد خروجي من الشركة فوجئت بإيقافي من قبل امرأة طويلة القامة قبيحة المنظر، ترتدي عباءة بغدادية، تدعوني الى ممارسة الرذيلة وبالمبلغ الذي أريد"، مضيفة "قبل أن تكمل كلامها، صرخت مستنجدة بأحد المارة، لكنها سرعان ما غادرت المكان"، مؤكدة" ثم ذهبت الى دورية شرطة واقفة في شارع السعدون وأخبرتهم بما تعرضت له، لكني فوجئت بقول أحد العناصر الأمنية بقوله "لم نحصل على أوامر من قيادتنا بمداهمة أوكار بيوت الدعارة الا في حالة شكوى الأهالي القريبة بيوتهم منها"، مبينةً" بدلاً من ملاحقة الأدوية الفاسدة والمسروقة في صيدليات منطقة السعدون في الآونة الأخيرة، كان الأولى على الحكومة أن تلاحق هذا السرطان المستشري في شوارعها والمتمثل ببائعات الهوى "حسب قولها.
الإعلامية "داليا الشويلي" أكدت في حديثها لـ" بانوراما": بعد خروجي من مقر عملي ظهرة فوجئت بإيقافي من قبل إمرأة متوسطة العمر تضع ماكياج بطريقة الغجر ظننت بأنها متسولة تطلب المال لكنها عرضت عليّ السحاق في شقتها الواقعة في أحد شوارع منطقة البتاوين وبأي مبلغ كان"، وتضيف" لقد صعقت مما تقول فأنا أتعرض الى التحرش الجنسي من قبل الرجال والشباب لكن من المرأة ومن بنات اليل تحديداً لم أتوقعه على الأطلاق وقد تماسكت أعصابي قليلاً وسألتها وكم تطلبين مقابل ذلك فردت كما تشائين وسألتها هل شقتكِ ملكٌ لكِ قالت لي لا وإنما لصديقي ألمسؤول عنا وهو ليس موجودٌ الآن بل يأتي ليلاً وقد طلبت منها رقم جوالها لكي أتصل بها وقت أشاء لكنها أكدت بأنها لا تملك اي هاتف خلوي ويبدو أنها أمية في كل شيء".
وأشارت داليا" هذا الوضع يجعلنا نقف أمام سؤال كبير هو أين منظماتنا النسوية التي تدعو للسلام ولأمن المرأة ومناهضة العنف وأين ثقافتنا الإعلامية الجريئة لتوعية المجتمع من هكذا حالات وظواهر وأين شرطتنا الوطنية لحمياتنا من هكذا نساء بلا أخلاق".
السيد علي أبو أحمد صاحب محل للعقار يقول "تجارة الجنس مزدهرة جداً هنا وتوجد عصابات متخصصة للإتجار بالنساء فضلاً البيغ بشكل مباح للأدوية المنشطة للجنس وللأقراص الإباحية إنها منطقة خارجة عن القانون وبشهادة الجميع"، مستغرباً" لماذا تندهشون من تجوال بنات الليل في وضح النهار ومع أول بزوغ لغروب الشمس حيث يجلسن على الأرصفة ساحة النصر ويتجولن هنا وهناك ويعرضن أجسادهن الرخيصة وهنّ يسكنّ في رحم المناطق الرذيلة" فيما قال المواطن نصير أبو شمس:" ليس من السهل أبدا السيطرة على تجوال بائعات الهوى في شوارع بغداد وتحديداً في شارع السعدون وحول ساحة النصر ومنطقتي البتاوين الأولى والثانية بالجوار"، ويضيف" لقد عدنّ الكثير من بائعات الهوى من سوريا من العراقيات اللواتي كنّ ضحية الحروب والفقر ويعملنّ اليوم راقصات في الملاهي وفي النوادي الليلة ووضعهنّ جيد إن كنّ جميلات وصغيرات السن ولكن ما ألاحظه من تجوال بائعات الهوى هنّ لا يتمتعن بجمال الجسد والوجه وهنّ بلا زبائن لذلك يتجولنّ وتأتي الى محلي أكثر من واحد تعرض نفسها وتطلب الطعام والنقود مقابل ذلك".
فيما قالت علياء آدم طالبة في كلية العلوم السياسية جامعة بغداد" لقد سمعت كثيراً عن هذه الظاهرة من قبل زملائي في الجامعة ومن خارجها بأن بائعات هوى يتجولنّ في شارع السعدون ويجلسنّ في ساحة النصر تحديداً يوقفنّ سائقي سيارات التاكسي الأجرة ويوقفنّ الشباب والبنات لعرض أجسادهنّ"، وتضيف "الوضع هذا إن دل على شيء فهو يدل على أن شرطتنا ضعيفة مع احترامي الكبير لها والاّ بماذا نفسر الوضع المزري الي نمر به".
وتتساءل " لو يأتي السيّاح من كلا الجنسين من خارج البلد ويمران بهكذا موقف فماذا سيقول عن العراق وعن المرأة العراقية إنه أمر محزنٌ حقاً" فيما أشارت الموظفة نرجس سيف داود عن هذه الظاهرة بالقول": بائعات الهوى أو بنات الليل ينتشرنّ ويتكاثرن كالنمل بلا رادع وبلا قانون وإنهنّ يعرضنّ أنفسهن على الرجل والمرأة هذا ما سمعت كثيراً ولكني لم أتعرض الحمد لله لهكذا موقف"، وتضيف "حسناً أسأل حكومتنا المتمثلة في وزارة الداخلية العراقية أين أنت مما يحدث اليوم من مثل هكذا حالات فساد في منطقة باب الشرقي والبتاوين وساحة النصر وشارع السعدون فالوضع الأمني متذبب ولا تستطيعون السيطرة الكاملة على خروقات الإرهابيين حسناً هؤلاء النسوة بلا سلاح يسرّن في هنا وهنا الاّ تستطيعون القاء القبض عليهن الا تستطيعون مداهمة أوكار بيوت الدعارة ومحال الخمور ومخازن الإتجار بالأدوية الفاسدة والحبوب المنشطة إذن كل ذلك يحصل اليوم في وضح النهار فلماذا تحملون شرف رتبة حماية الوطن وهذا الوطن بلا حماية وبلا أمن "حسب وصفها.
علم النفس والاجتماع يشيران الى أمكانية معالجة الموضوع
الباحثة النفسية ليلى أحمد قالت في حديث لـ" بانوراما": أسباب سلوك هذه النسوة معروفة من انحلال أخلاقي وتفكك أسري وبسبب العوز المالي والفقر"، مضيفة" وعلاجه أيضاً ليس بالصعوبة البالغة"، مشيرةً" أولا يجب أن تأخذ منظمات المجتمع المدني وحقوق المرأة على عاتقها مصير هؤلاء النسوة بمساندة الحكومة ووزارة الداخلية"، مبينةً" أن يتعرضن الى جلسات في الفقه الإسلامي ومحاضرات في التنمية للسلوك الاجتماعي الصحيح، وأن يحطنّ بالرعاية النفسية وتوفير لهنّ المهنة الشريفة التي تدر عليهن بالمال"، مؤكدةً" عندها بالإمكان من تصحيح سلوكهن على الرغم من بقاء نظرة المجتمع ولمن يعرفهنّ بأنهن بائعات الهوى، ولكن تنظيف المجتمع من هكذا نساء واجبٌ وطني وأخلاقي".
الباحثة الاجتماعية ابتسام إبراهيم قالت في حديث لـ "بانوراما" قرأت تقرير للمنظمة الدولية للهجرة إن تقديرات الاتجار بالبشر تبلغ نحو 800 الف شخص عبر الحدود سنويا.
لكن الإحصاءات داخل العراق من الصعب جدا معرفتها باستمرار ومادام هنالك تقارير تؤكد حول الاتجار بالبشر داخل وخارج العراق وبوجود صفقات مشبوهة انه يتم تحويل الفتيات إلى سوريا والامارات ومنهن من يتم تحويلهن إلى اوروبا فلماذا نستغرب تجوال بائعات الهوى وعرض انفسهن على المارة"، وتضيف "على الرغم من أن الدستور يحظر الاتجار غير المشروع فان العراق يفتقد الى قوانين جنائية على نحو فعال"، مؤكدة" المرأة العراقية أصبحت ذو سمعة مشبوهة بعد التغيير في2003 بسبب ما حصل من افرازات الحروب من فقر وعوز وغياب المعيل من اب وأخ وزوج ولو قامت الحكومة العراقية بمعالجة الفقر واحتواء النساء المعنفات لما وصل الانحلال يرى بأم العين في شوارع بغداد وقد تعرضت صديقة لي لهذا الموقف وضحكت كثيراً ولم أصدقها في وقتها"، مشيرةً" على الرغم من أن الدعارة موجودة على مر السنين الاّ أن المجتمع العراقي مجتمع محافظ يصعب عليه الاعتراف بوجود الدعارة وبتجوال النسوة في شوارعه".
الطب يحذر من أمراض بائعات الهوى على المجتمع
الدكتورة بان مصطفى جميل اختصاص نسائية وحمل وتوليد أكدت في حديثه ل" بانوراما" أن بائعات الهوى ينقلن أمراض عدة في مقدمتها "السيدا" بحكم العلاقات الجنسية الغير مشروعة وعلينا توعية هؤلاء النسوة من خلال نشطاء المجتمع المدني"، وأضافت" بائعات الهوى شريحة مهددة بحاجة إلى التوعية لتفادي الأسوأ لكن المشكلة في حياء إعلامنا، في حياء مجتمعنا من الحديث بمواضيع خطيرة مثل الدعارة المنتشرة اليوم بنسب مخيفة والكثير من مرضاي الذين يزورون عيادتي يعانون من أمراض جنسية خطيرة وأكتشف أنهم من ممارسي العلاقات الجنسية الغير مشروعة الوضع خطير ومرض الإيدز أول الأمراض الذي سيواجههم ويواجه الأسرة العراقية".
يذكر أن تقرير نشرته وكالة "انتر بريس سيرفس" الدولية في وقت سابق اطلعت "بانوراما" عليه إلى إن" معدل الاتجار في الاناث بالعراق في تزايد مستمر في بلد عانى سنوات من الحروب والعزلة الدولية والعقوبات".